الذكاء الاصطناعي كما تعرفه المجلات العلميه هو :- محاكاة لذكاء الانسان وفهم طبيعته عن طريـق عمـل بـرامج للحاسـب الالي قادرة على محاكاة السلوك الانساني المتسم بالذكاء.
ولنا هنا وقفه مع تعريف الذكاء الاصطناعي ذلك أنه مهما بلغت دقة ذلك الكائن الصناعي فإنه في حقيقة الأمر لن يصل إلى محاكاة الذكاء الانساني أو أن يكون بنفس قدرة الدماغ الانساني ببساطه علميه لأنه إلى الآن وبالرغم مما نشهده من التطور المهول في حياتنا اليوميه لم يستطع العلماء إلى فهم عمل الدماغ البشري ، بل كل يوم يطل علينا العلماء بنظريات وحقائق جديده عن عقل الانسان.
والقناعه الآخرى دينيه إذ يقول الرب عز وجل “ هَٰذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ ۚ “
إلا أننا لسنا ضد الذكاء الاصطناعي بل هو واجب علينا وحتمي من إستخدام الذكاء الاصطناعي في المجال العسكري والمجال الصناعي لمواكبت من قد سبقنا ، والحصول على المميزات الهائله من الذكاء الاصطناعي من تقليل التكلفه إلى تسهيل حياة البشر والقضاء على البيروقراطيه نهائيا وخلافه من المميزات التي نعيشها ونراها ، ولكن حينما نستخدم الذكاء الاصطناعي في المجال الاجتماعي او الانساني فيجب أن نستخدمه بحذر وبالقدر الذي يعزز من إنسانيتنا ، فنحن كعرب وكمسلمين نفخر ايما إفتخار بأننا نملك النموذج المثالي في العلاقات الانسانيه والاجتماعيه وذلك لانه مستمد من شريعتنا الاسلاميه الغراء ، فبالرغم من التطور الذي وصل اليه الغرب إلا أننا نفخر بأننا نسبقهم في العلاقات الاجتماعيه ، مشهد بسيط لأبن في بر والديه ، ووالد في الكفاح من أجل أسرته ، وجندي في الدفاع عن اوطانه ليس لطمع في مال أو أن المسأله واجبات ماليه ، بل لأن ذلك شرف أمره به الرب عز وجل ،بل لأن كرامة الوطن والاهل لدى الانسان المسلم من كرامته الذاتيه لا ينفصلان ذلك المشهد ينسف كل التقدم والتكنولوجيا التي لا تملك قلبا ولا ضميرا، وبالرغم من تأثرنا بعض الشئ من الثقافه الغربيه إلا انه يمكن من الاعتماد على عاداتنا وتقاليدنا والانغلاق على انفسنا في هذا الجانب فقط ، بل أننا نستطيع أن نقود العالم في الجانب الاجتماعي والانساني لأننا نملك المنهج الأصلي من خالق الكون جل وعلا .
وإستخدامنا للذكاء الاصطناعي في مجال التقاضي :-
يجب أن يكون بحذر وبالقدر الذي يسهم في تعزيز العلاقات البشريه وحل مشاكلهم ، فإننا نرى العالم من حولنا يتسابق في الاعتماد الكلي على الآله ، ولا شك أننا لامسنا ما أداه ذلك من أضطرابات نفسيه وإجتماعيه داخل الاسره ، ولا شك أنه أصبح من الاسباب الرئيسيه في التفكك الأسري في وقتنا الحاضر و انشغال الانسان بالبرامج الافتراضيه أو ما يسمى بــ social media وأثر ذلك على سلوك الانسان.كما عايشنا معدلات الانتحار لدى الاطفال التي ذادت بسبب إستخدام الالعاب الالكترونيه .
وإستخدام الذكاء الاصطناعي في التقاضي للتسهيل على المتقاضين شئ محمود وجيد طالما حقق العداله الناجزه وسهل على المتقاضين . ولكن إستخدام الذكاء الاصطناعي في كامل مراحل التقاضي لا يصح ، بمعنى أن يقوم الذكاء الاصطناعي (او البرنامج المعد للقيام بتلك العمليه) بدور القاضي ، وذلك بمجرد أن يدخل أحد الخصوم بيانات القضيه يحصل بعد ذلك بدقائق على حكم رسمي ، هذا وأن سلمنا بقدرة الذكاء الاصطناعي (البرنامج القضائي) على تحليل المستندات والبيانات المقدمه اليه والتأكد من صحتها ، إلا أننا نشك في قدرته على إستنباط القرائن والموازنه بين الادله المقدمه اليه ، فضلا عن قيامه بإنزال النص القانوني على الوقائع المعروضه عليه ذلك ، الدور الاساسي للقاضي البشري، كما أن ذلك يعد إخلالا بحق الدفاع لانه وإن كان للمدعي كامل الوقت في تحضير دعواه وأدلته ، إلا أن أعلان الخصم إلكترونيا وعدم إعطاءه الوقت الكافي للرد على الخصم يمثل إخلال لحق الدفاع المكفول للجميع. هذا مع التسليم بقدرة الذكاء الاصطناعي على القيام بتلك المهمه في بعض القضايا التقريريه ، وكذلك يمكن استخدامه في بعض انواع من القضايا كالاوامر على العرائض ، لكن لا يمكن إستخدامه في القضايا الالزاميه لما يشكله من خطوره على إهدار حقوق الخصوم ، ولما يشكله من عدم إطمئنان الخصوم بالحكم القضائي.
خلاصة القول :- أن الذكاء الاصطناعي بصفه عامه مهم بل وضروري في بعض المجالات ، ويجب الحذر عند إستخدامه في المجالات الاجتماعيه ، وبصفه خاصه يجب عند إستخدامه في مجال التقاضي أن نتحرى مدى ملاءمته للدستور وللقانون ولصالح الافراد ومن عدم إنتهاكه لحقوق الافراد في التقاضي وحق الافراد (خاصه غير القادرين) من الوصول الي قاضيهم بسهوله ويسر ، وحقوق الدفاع ، وعدم إستخدامه في القضايا الإلزاميه مهما كانت بساطتها ولو مجرد دعاوى إيجاريه ، لما تشكله من واجبات وحقوق إلزاميه على المتقاضين ، ويمكن إستخدامه في بعض القضايا والطلبات التي تستلزم بطبيعتها سرعه في إتخاذها مثل طلبات الاوامر على العرائض ، واستخدامه في الحضور الالكتروني للاطراف لما يقدمه من سهوله للاطراف في الوصول لقاضيهم حتى لو خارج الدوله ، ولكن يجب أن يسبق ذلك تعديل تشريعي في قانون الاجراءات المدنيه ، لإجازة الحضور الالكتروني ولتحديد التعاريف المستجده وتقديم الحلول للمشاكل التي قد تحدث من جراء استخدام الذكاء الاصطناعي.
بقلم/خليفــــــــه محمود حمادي
مستشار قانوني