القهوة العربية … لن يكون هناك أضخم وأعمق منها لتكون رمز الأصالة العربية و كرم الضيافة العربية الأصيلة، بل هي أكثر من أن تكون المشروب الأساسي الساخن الذي يقدم في جميع المناسبات في المنطقة العربية، وخصوصاً منطقة شبه الجزيرة العربية و العراق و بلاد الشام، في الحقيقة هي من أشهر العادات العربية الأصيلة. حيث أن تقديم القهوة العربية لضيوفنا الأكارم عبارة عن سلسلة من العادات والتقاليد التي تمثّل قمة الرقي والأصالة والكرم في المجتمع العربي التقليدي، وتبدأ سلسة هذه العادات بمجرد تشريف الضيوف لنا في ديارنا.
الإستقبال و التحضير
وهي الخطوة الأولى في سلسة هذه العادات، حيث تبدأ بدخول الضيوف والترحيب بهم بحرارة إلى أن يقوموا بالجلوس، وبعد جلوسهم بقليل، أي عند بدء راحتهم، ينادي صاحب المنزل أو كبير المنزل: “الدلة” وفي ما يعني أمراً بإكرام الضيوف بتقديم القهوة لهم، ولكن ينطبق هذا فيما لو كانت القهوة العربية جاهزة، وهذا في طبيعة الأحوال حيث يظل العرب في حالة استعداد تامة لاستقبال أي ضيف وفي أي وقت، ولكن إن لم تكن حاضرة، فيتوجب تحضيرها أمام الضيف وهذا بدوره أحد مظاهر الكرم.
المقهوي ، المقهوجي أو القهوجي
وهو الشخص القائم على صقل هذه العادات الكريمة أثناء تقديم القهوة العربية للضيوف الكرام، حيث تبدأ خطوته الأولى من عنده، وذلك بصب القليل من القهوة لنفسه في الفنجال ” الفنجان ” الأول، والذي يسمى عند العرب فنجال الهيف ويمكن أيضاً أن يكون هذا الفنجال من حصة المضيف ” المعزّب ” أيضاً وهناك سببين رئيسيين لهذا الفنجان:
- التأكد من طعم القهوة وأيضاً بأنها سليمة وخالية من أي أذى
- تسخين الفنجال بالقهوة الساخنة ليكون فنجان الضيف ساخناً
تقديم القهوة العربية يبدأ من اليمين
ينهض المقهوي هنا بعد فنجان الهيف ويقوم بهز الفناجيل في يده لتصدر صوتاً خفيفاً إيعاذاً منه أنه سيقوم بتقديم القهوة للضيوف مباشرة، وذلك للفت انتباههم. لكن هذه الحركة فقط في الأيام العادية، أما في الأتراح فهي لا تليق وإنما من المفضل تجنب إصدار أي صوت.
تحريك فناجين القهوة لإصدار صوت خفيف لإغلان بدء تقديم القهوة
وكما هو ملاحظ، فالمقهوي يقوم بحمل الدلة في يده اليسرى والفناجيل بيده اليمنى كي يكون التقديم حصراً باليد اليمنى، ثم يبدأ التقديم من الجهة اليمينية عملاً بتعاليم السنة النبوية الشريفة أو مباشرة من كبير القوم أو الضيوف لإعطاءه حق قدره والعودة بعدها للناحية اليمينية. ويسمى هذا الفنجان فنجال الضيف بحسب الأعراف العربية الأصيلة حيث يجب أن ينحني المقهوي ليكون بمستوى الضيف. ولمّا كان التقديم باليد اليمنى، فسيتسلّم الضيف فنجانه باليد اليمنى أيضاً.
تقديم القهوة العربية واستلام فنجان القهوة حصراً باليد اليمنى
وعند صب القهوة في الفنجال، أيضاً لكمية القهوة آداب، حيث لا يجب أن تكون كثيرة ولا قليلة وإنما صبة الحشمة وهي أن يقوم المقهوي بصب ثلث الفنجال وهي الكمية الأنسب، حيث أن صب كامل الفنجال قد يوحي بطلب المغادرة من الضيف.
وإذا تخلل تقديم القهوة صغاراً في السن أو أطفالاً فيجب تقديم القهوة لهم أيضاً بنفس العادات التي تقدم القهوة فيها للراشدين من الضيوف دون تجاوزهم.
معاني عدد فناجين القهوة
فنجان السيف هو الفنجان الثالث الذي يحتسيه الضيف مما يدل على مؤازرته للمضيف في السراء والضراء
فنجان السيف هو الفنجان الثالث الذي يحتسيه الضيف مما يدل على مؤازرته للمضيف في السراء والضراء
قد يتطلب الضيف أكثر من فنجان قهوة واحد ويجب أن يكون ذلك دون طلبه، وإنما بعرض المقهوي على المضيف المزيد من القهوة، حيث لا يجب على المقهوي الجلوس وإنما مواصلة الوقوف ومتابعة كافة الضيوف أثناء شربهم للقهوة، وهنا يكون اسم فنجان الضيف الثاني فنجال الكيف الذي سيتمتع في بطعم ونكهة القهوة. أما الفنجال الثالث للضيف أو الرابع في عملية التقديم فهو فنجال السيف وهو الأصعب والأقوى بمعناه، أي أن الضيف قد قبل المضيف في السراء والضراء وأنه سيكون دوماً إلى جانبه.
معاني عدد فناجين القهوةوعند الإنتهاء من شرب القهوة العربية في حال لم يرغب الضيف بأكثر من فنجان واحد منها، يجب الإبتعاد عن وضع الفنجان على الأرض أو الطاولة لأنها قد تعبر عن إهانة معينة، وإنما يجب أن يبقيه الضيف في يده إلى أن يأتي إليه المقهوي مرة أخرى.
وعند قدوم المقهوي للضيف مرة أخرى، يعطيه الفنجان ويقول للمقهوي: “أكرمك الله، تكرم أو كافي” أو حتى بهز الفنجان يمنة ويسرة مما يدل على اكتفاءه بالقهوة وهي أكثرها شيوعاً إضافة إلى شكر المقهوي.
و وجب التنويه هنا إلى أحد عادات الكرم الأصيلة المثيرة للإهتمام، وهي كسر فنجان القهوة العربية بعد تلقيه من الضيف، حيث يلجأ المضيف أو المقهوي إلى كسره بعد أخذه من الضيف في دلالة إلى الإحترام الذي يبديه المضيف إلى الضيف، حيث لن يدع أحد بعد هذا الضيف بالأخص باستعمال الفنجال نفسه الذي شرب منه ضيفه.
تعليم عادات تقديم القهوة العربية
ويحرص العرب بشدة على تعليم أولادهم منذ الصغر على عادات تقديم القهوة العربية لأنها أكثر ما يدل على الكرم والذي بدوره أحد أعظم شيم الأصالة العربية حاملين بهذا رسالة الكرم العربي برحلة غير منتهية من التقاليد العربية الأصيلة.
هناك أيضاً الكثير من العادات الأخرى في تقديم القهوة التي قد تختلف تسمياتها بين بقاع الأراضي العربية وقد قمنا هنا باختيار الأساسي منها مشاركين معكم قيمنا العربية الكريمة